كتب الدكتور ياسر نصر:
من أهم المشاكل التي تواجه الآباء خلال مرحلة المراهقة مع أبنائهم وهى فترة هامة فى حياة كل شاب يجب على الآباء ألا يغفلو عنها منه:
أهم مشاكل الأبناء في فترة المراهقة مع آبائهم :
إذن يجب على الآباء أن يتفهموا لماذا تصرف ابنهم بهذا التصرف، وهذا التفهم لن يأتي إلا بالإنصات والتواصل مع الأبناء..
وهذا التواصل يكون من خلال أربع أشياء: إما القراءة أو الكتابة أو التحدث أو الإنصات.. إنك تنصت لابنك وتتعلم كيف تنصت.
قضية التواصل بين الآباء والأبناء
إن الأبناء يقولون عن الآباء: إنهم يعيشون في عالمهم الخاص ويحاولون الانتصار بشتى الطرق، وهذا أيضًا ما يقوله الآباء أيضًا.
على الآباء أن يعطوا أبناءهم فرصة لسماعهم حتى يستطيع الآباء فهم هؤلاء الأبناء، لذا عليك أن تسمع أولاً ثم تفهم.
وأذكر أن ولدًا كان يشتكي من ألم في ركبته فذهب لطبيب العظام، يقول الولد: دخلت على الطبيب وبمجرد بدء كلامي لأعلمه ما هي شكواي إذا بالطبيب يقول لي أنا فاهم كل شيء ومستوعب.. سأكتب لك العلاج الذي يريحك.. قديمًا كنت طبيبًا صغيرًا وكنت أحتاج لسماع الشكاوى أما الآن فقد أصبحت طبيبًا ذات خبرة، يقول الولد فأخذت الدواء ولم يأتِ معي بأي نتيجة.
إن هذا الولد يستحيل أن يذهب لهذا الطبيب مرة أخرى؛ قضية التواصل فُقدت.
إن المشاكل عند الأبناء ستنحل بأن يتفهم الآباء ما يمر به الأبناء، وهذا سيكون من خلال حوارات مشتركة بينهم.
مشكلات التواصل
كيفية التغلب على مشكلات عدم التواصل:
مد يدك وأنقذ ابنك قبل أن يغرق، وبعد ذلك ابحث من أين تأتي المشكلة..
لقد قلنا إن هناك أربع أدوات للتواصل الإنساني إما أن أتحدث وإما أن أكتب وإما أن أقرأ وإما أن أنصت..
ولعل الإنصات يجعلني أفهم وتكون لديّ القدرة على توجيه الدفة بشكل جيد، فإذا أردت أن يكون حوارك مع ابنك هدامًا فعليك أن تنفذ خمسة أشياء..
وإذا أردت أن تكون منصتًا جيدًا فعليك بتجنب هذه الخمسة:
واعلم أنه إذا كانت خبراتك هي مصدر الإنصات سيظهر عليك ثلاثة أخطاء:
للتواصل أمور يجب تذكرها:
أثبتت الدراسات:
إن الدراسات العلمية أبرزت أن هناك ثلاث مشاكل هي الأبرز على الإطلاق حيث يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة، بناء على نتائج قياس الأشياء في التوجيه النفسي.
* المشكلة الأولى: صعوبة مناقشة المشكلات مع أولياء الأمور، إن الأولاد يقولون إن من العسير أن نناقش مشكلة مع أولياء الأمور.
* المشكلة الثانية: صعوبة إخبار أولياء الأمور بما نفعل.
* المشكلة الثالثة: وجود تباعد كبير بين أفكار الأبناء وأفكار أولياء الأمور.
فإذا استطاع الوالدان اجتياز تلك المشاكل الثلاث، فإن هذين الوالدين قد استطاعا أن يكسرا الحاجز بينهما وبين أبنائهما.
أمر عجيب
لقد لفت انتباهي أمر عجيب وهو أن سن المراهقة سن التكليف الذي يحاسب الله فيه العباد، فأصبح المراهق مكلفًا من قِبل رب العالمين بتكاليف بعد أن كان طفلاً في وقت من الأوقات..
ولقد توصلت إلى أن الله أراد أن يوصّل رسالة للمراهق بهذا التكليف وهي أن تصبح هذه المرحلة انفتاحًا على أغلى تجربة في حياة الإنسان وهو الانفتاح على رب العالمين وقوانينه وقواعده، وعلى الإسلام وعلى الدين وعلى التكاليف الدينية..
لقد أراد الإسلام أن يغذي الجانب الإيجابي في مرحلة المراهقة، فحينما يدرك المراهق أنه الآن مكلف، والتكليف جزء منه تشريف، لقد أصبح مسئولاً إذن أصبح كبيرًا وله وضعيته مثل الكبار فلم يعد المراهق صغيرًا وإنما مكلف مثل أي إنسان كبير.
لقد احترم الإسلام المراهق واهتم بشخصيته بشكل غير عادي حيث جعله يشترك في كل أنواع العبادات بما فيها الجهاد في سبيل الله، إن طليعة المسلمين في وقت من الأوقات التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا هم الشباب وليس الشيوخ، نُصر هذا الدين بسيدنا سعد بن أبي وقاص وكان عمره 17 سنة، وسيدنا علي بن أبي طالب الذي لم يكن يبلغ الحلم بعد، وسيدنا زيد بن حارثة وكان في سن المراهقة، إن معظم من دخل الإسلام في كثير من الأحيان كان في سن المراهقة أو ما بعد ذلك بقليل.
لقد استفاد الإسلام من تلك الطاقة وأعطاها قدرًا من الثقة بشكل أو بآخر.
القواعد الذهبية التسع للتعامل مع المراهقين
من مهارات التعامل مع المراهقين
العقاب وضوابطه
إن العقاب وضوابطه شيء لابد منه، ولقد وضع الله تعالى عقابًا للمخطئ ووضع ثوابًا للمحسن، حيث قال الله تبارك وتعالى: "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
ولقد أحببت أن أطرح فكرة جديدة في مسألة العقاب وهي أن نرسم للابن خريطة معينة من الواجبات والحقوق، ونترك الابن ليعاقب نفسه، ولا شك أن هذه الفكرة يعترض عليها الأولاد اعتراضًا شديدًا؛ لأنه أفضل أسلوب تربوي في إصلاح السلوك حيث يقتضي من الابن أن يحفز نفسه ويغير نفسه، والأب والأم متفرجان، لكن هذا الأسلوب يتطلب أمًا واعية وأبًا واعيًا، يتطلب والدين يتمتعان بالصبر والحنكة والحزم والتفهم واستيعاب القضايا بشكل أو بآخر. إن الكثير من الآباء يعاقبون بعد حدوث المشكلة والعقاب في هذا التوقيت يُشعر الولد بالظل، ويُظهر كمًا من العند في التعاملات بشكل كبير.
إن مفهوم العقاب ليس الهدف منه العقاب وإنما الهدف منه هو تعديل سلوك معين، لذلك فإن أسلوبنا الجديد في العقاب هو عبارة عن عملية توازن بين تعديل الابن من سلوكه وفي مقابل هذا يحصل على شيء يريده.
مثال:
ابحث عما تريد تعديله في ابنك، مثلاً المذاكرة، ثم ابحث عن أحب الأشياء إلى نفس ابنك وليكن الخروج مع أصحابه وابدأ بفعل الموازنة.. لو ذاكرت ستخرج مع أصحابك، عادةً الأولاد يقولون في البداية لا أريد الخروج وبالتالي يصبح الابن هو من طبّق العقاب على نفسه، ولكن بعد ممارسة هذا الأسلوب لفترة يستجيب الأولاد ويبدؤون في فعل ما يطلبه الوالدان.
لابد أن يتعلم الابن أن الدنيا أخذ وعطاء، إن أحسنت دخلت الجنة، لابد أن يعلم الأبناء أن كل شيء له مقابل، وللأسف بدأ الأولاد يتربون تربية غير سوية، إن كل شيء مستباح لذلك فقدت الأشياء قيمتها عند الأولاد.
إن العقاب كما ذكرنا ليس الهدف منه أبدًا أن أحدِث ألمًا في نفس ابني، وإنما الهدف منه تعديل سلوك معين، وبالتالي لابد أن يكون للعقاب ضوابط واضحة المعالم لكي تصبح مسألة العقاب بلا إفراط ولا تفريط.
ولابد أن يعلم كل من يمارس العقاب البدني على ابنه أنه سيؤدي للآتي:
خاتمة:
أعتقد أن ما ذكرناه ما هو إلا بداية لتأصيل مبادئ من مبادئ التربية، وما هو إلا نواة لنظام تربوي عام لابد من تطعيمه كل فترة بموضوع من الموضوعات التي ربما استطاعت أن تروي عطش الآباء والأمهات في قضية التربية.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يكون هذا الجهد في ميزان حسناتنا جميعًا يوم القيامة، كما أسأل الله أن يكون الخير لمن يرسل هذه المادة إليكم إلى يوم الدين، يلقاه في ميزان حسناته إن شاء الله، ولا يسعني إلا أن أدعو رب العالمين أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر:
بسم الله الرحمن الرحيم
من أهم المشاكل التي تواجه الآباء خلال مرحلة المراهقة مع أبنائهم وهى فترة هامة فى حياة كل شاب يجب على الآباء ألا يغفلو عنها منه:
- الخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء، وذلك لأن هؤلاء الأصدقاء لديهم الوقت والمساحة لسماع ابنك.
- أيضًا عدم قدرة الأبناء على التمييز ما بين الخطأ والصواب باعتبارهم قليلي الخبرة في الحياة ومتهورين، إنها إحدى المشاكل التي يعانيها الآباء مع أبنائهم وذلك أن وجهة نظر أي أب عن ابنه أنه مازال صغيرًا لا يفهم الصحيح من الخطأ، والسؤال هنا: كيف يميز هذا الابن الصحيح عن الخطأ بدون وجود جسور في التواصل والحوار؟
- هناك مشكلة ثالثة يواجهها الآباء في فترة مراهقة أبنائهم وهي أن هؤلاء الأولاد المراهقين يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال، وبالتالي لابد من إقامة حوار حتى نضع إطارًا للحرية والاستقلال حتى يقيّم الابن هذه الحرية بمفهوم سليم.
أهم مشاكل الأبناء في فترة المراهقة مع آبائهم :
- الصراع الداخلي في نفسية هذا الابن، وهو صراع ما بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، صراع ما بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة أو الأنوثة على حسب كون المراهق ذكرًا أو أنثى، صراع ما بين طموحات المراهق الزائد وجهده القليل، صراع ما بين الغرائز الداخلية والتقاليد الاجتماعية، الصراع الديني ما بين ما نتعلمه من شعائر ومبادئ وسلوكيات.
- أيضًا يعاني المراهق من الاغتراب والتمرد، الاغتراب لأنه يشعر أنه مختلف أن والديه لا يستوعبانه، فيمتلكه شعور بالغربة داخل البيت الأسرة مما يؤدي إلى عدم إحساسه بالأمان والاستقرار إلا مع أصدقائه أو مع مدرسه أو أحد أقاربه.. ونتيجة هذا الإحساس بالغربة يتولد لديه قدر من التمرد على الأساليب المتبعة في مسألة القدرة على السيطرة، فينتج لدى هذا المراهق خجل وانطواء أو سلوك مزعج حقيقي.
إذن يجب على الآباء أن يتفهموا لماذا تصرف ابنهم بهذا التصرف، وهذا التفهم لن يأتي إلا بالإنصات والتواصل مع الأبناء..
وهذا التواصل يكون من خلال أربع أشياء: إما القراءة أو الكتابة أو التحدث أو الإنصات.. إنك تنصت لابنك وتتعلم كيف تنصت.
قضية التواصل بين الآباء والأبناء
إن الأبناء يقولون عن الآباء: إنهم يعيشون في عالمهم الخاص ويحاولون الانتصار بشتى الطرق، وهذا أيضًا ما يقوله الآباء أيضًا.
على الآباء أن يعطوا أبناءهم فرصة لسماعهم حتى يستطيع الآباء فهم هؤلاء الأبناء، لذا عليك أن تسمع أولاً ثم تفهم.
وأذكر أن ولدًا كان يشتكي من ألم في ركبته فذهب لطبيب العظام، يقول الولد: دخلت على الطبيب وبمجرد بدء كلامي لأعلمه ما هي شكواي إذا بالطبيب يقول لي أنا فاهم كل شيء ومستوعب.. سأكتب لك العلاج الذي يريحك.. قديمًا كنت طبيبًا صغيرًا وكنت أحتاج لسماع الشكاوى أما الآن فقد أصبحت طبيبًا ذات خبرة، يقول الولد فأخذت الدواء ولم يأتِ معي بأي نتيجة.
إن هذا الولد يستحيل أن يذهب لهذا الطبيب مرة أخرى؛ قضية التواصل فُقدت.
إن المشاكل عند الأبناء ستنحل بأن يتفهم الآباء ما يمر به الأبناء، وهذا سيكون من خلال حوارات مشتركة بينهم.
مشكلات التواصل
- قول الآباء إنه لا وقت لدى أبنائهم مطلقًا للتحدث بمعنى أن الابن منشغل دائمًا بالتليفون أو بالجلوس في غرفته أو مشاهدة التلفاز أو استخدامه الإنترنت.
- عدم إنصات الأبناء لآبائهم، يقول أحد الآباء: عندما أتحدث إلى ولدي فإنه يحدق فيّ بنظرات ويكون من الواضح أنه لا يستمع إلى شيء أقوله مطلقًا.
- عدم بوح الأبناء بما لديهم، تقول إحدى الأمهات: إن ابنتي لا تخبرني مطلقًا عندما يضايقها شيء. لقد ظهر على هذه البنت نوع من أنواع الانفصام، وهذه المشكلة من مشاكل التواصل والتي صُنعت بيد الآباء والأمهات. إذن لابد من التغلب على هذه المشكلات بإقامة جسور للحوار، ولابد للانتباه لعدة نقاط حتى نستطيع أن نقيم تلك الجسور.
كيفية التغلب على مشكلات عدم التواصل:
- يجب ألا ينشغل الأب طوال النهار وطول الليل بالشكل الذى نراه في كثير من البيوت، وحتى إذا تواجد الأب فإنه يكون مرهقًا ومهمومًا. أيضًا الأم المشغولة طوال النهار في هَم الأولاد الصغار والطبخ والتنظيف وترتيب البيت وما إلى ذلك، لابد لهذه الأم أن تخصص وقتًا للجلوس مع أبنائها المراهقين، ولابد أن يكون هناك فرصة للتواصل، ولابد من توفير الوقت للحوار.
- تكلم مع ابنك لمجرد الكلام فلا تقل أبدًا لا يوجد ما أتكلم فيه مع ابني.. أو إن الولد أحيانًا يتهرب مني، تكلم معه وهو يشاهد التلفاز وتناقش معه واسأله عن أحواله، أقم جسرًا لتحسين العلاقات.
- حاول أن تصبح إيجابيًا ومبادرًا، والمبادرة ليس معناها أن تفرض نفسك عليهم وإنما أن تستوعب أبناءك.. تكلم مع ابنك في مشاكلك الخاصة بعملك، وتكلم معه في مشاكلك سواء المادية أو غيرها.. تكلم معه في مشكلة عامة موجودة في الجريدة.. الأم تتكلم مع ابنتها في مشاكلها مع جيرانها وغير ذلك، كن إيجابيًا وإذا لم يتحدث الابن فتحدث أنت، واجعل ابنك يدرك الضغوط التي تواجهك.. وهناك أولاد كثيرون عندما فهموا أن آباءهم مضغوطين ماديًا ومضغوطين معنويًا ونفسيًا استطاعوا بعد ذلك أن يفهموا ردود أفعال الآباء في بعض الأوقات.
- تكلم كثيرًا، وهو أمر يخالف تكلم لمجرد الكلام، فتكلم كثيرًا بمعنى أن لا تحسب كلامًا أو تحدد له يومًا معينًا أو وقتًا محددًا وإنما تكلم في أي وقت وكل يوم بلا قيود، ويجب أن يتولى الآباء مسئولية هذا الأمر.
- التكرار أمر ضروري، كرر طلباتك وليس الأوامر، وأذكر أبًا قال لابنته: نحن نحتاج لأن نصبح صديقين، وبعد حوارات أصبحت تلك البنت التي كانت منغلقة على ذاتها ولديها كم من الصراعات النفسية الداخلية والضغوط سواء كانت أسرية أو في المدرسة أصبحت تلك البنت تحكي لوالدها عن زميلاتها وهذا بتكرار الأب طلبه صداقتها.
- اعلم أن السلوكيات لن تتغير أبدًا بالكلام فقط وإنما بتغيرك أنت أيضًا، إذا كنت تنتقد في ابنك العصبية فانظر أولاً لنفسك.
- يجب أن تفكر قبل أن تتكلم، فكر في تأثير كلامك على ابنك وفي رد فعله بعد سماعه كلامك.
- لا تقل أبدًا: لماذا ابني هكذا؟ بل قل ماذا أستطيع أن أفعل لأصلح من ابني؟ عندما تمد يدك لابنك وهو يغرق خير من أن تقول له لماذا تغرق وقد علمتك العوم؟
مد يدك وأنقذ ابنك قبل أن يغرق، وبعد ذلك ابحث من أين تأتي المشكلة..
لقد قلنا إن هناك أربع أدوات للتواصل الإنساني إما أن أتحدث وإما أن أكتب وإما أن أقرأ وإما أن أنصت..
ولعل الإنصات يجعلني أفهم وتكون لديّ القدرة على توجيه الدفة بشكل جيد، فإذا أردت أن يكون حوارك مع ابنك هدامًا فعليك أن تنفذ خمسة أشياء..
وإذا أردت أن تكون منصتًا جيدًا فعليك بتجنب هذه الخمسة:
- الاستماع لابنك وأنت سرحان وتفكيرك في شيء آخر، فلا تكن مشغولاً ذهنيًا وتقول لابنك أنا معك.. أكمل أنا أسمعك.. أكمل، وأنت تحلّق بعيدًا بأفكارك عن موضوع الحوار الذي يرويه ابنك..إن مسألة الإنصات ليست مجرد أنك موجود جسديًا فقط وإنما تتطلب منك التركيز فيما يقال وإشعار الطرف الآخر بهذا التركيز والاهتمام بما يقول.
- التظاهر بالإنصات، فإذا لم تكن لديك القدرة على سماع ابنك لأنك ترى أن مشكلته تافهة فاعلم أنك من الفشل بمكان، لابد أن أكون متفاعلاً مع ابني في مشاكله، والتظاهر بالإنصات يعد نفاقًا ورياءً.
- الإنصات الانتقائي، بمعنى أن يكون ابنك يتكلم في موضوع ثم تقول أنت جملة في موضوع آخر تمامًا، مثلاً يحكي لك عن شيء فتقول: عليك بالأصدقاء الصالحين، ويجب أن تختار الصديق والجليس الصالح، إن هذا الابن سيصاب بقدر من الإحباط غير العادي لأنه سيدرك أنك لا تنصت له تمامًا.
- الإنصات إلى الكلمات لأننا ننصت للمعاني عند أولادنا وليس للكلمات، إياك أبدًا أن يكون اهتمامك للكلمات وإنما اهتم بالمضمون والمشاعر والمعنى.
- الإنصات المرتكز على الذات، بأن تقول لابنك نعم.. أنا أعرف تحديدًا.. أنا عارف بالضبط بماذا تشعر.. أنا مدرك تمامًا هذه المشكلة لأنها صادفتني في صغري واستطعت أن أحلها بكذا وكذا وكذا، الولد يريد من أبيه أن يتفهمه هو ويتفهم مشاكله الخاصة به.
واعلم أنه إذا كانت خبراتك هي مصدر الإنصات سيظهر عليك ثلاثة أخطاء:
- إصدار الأحكام قبل أن يكمل ابنك الكلام فتقول مصدرًا حكمًا: لقد قلت لك إن صاحبك هذا لابد أن تقطع علاقتك معه.
- تقديم النصائح المستفزة بدون استيعاب المشكلة.
- الاستجوابات، وتكون هذه الاستجوابات بالصورة الآتية: ماذا فعلت يا حبيبي في المدرسة؟ ماذا فعلت في الامتحان؟ هل ستذهب اليوم إلى النادي مع أصحابك؟
- إن الولد يريد أن يكلمك، لكنك حولت الحوار إلى استجواب لكي تنهي الموضوع.
للتواصل أمور يجب تذكرها:
- لابد أن تعرف أن فترة المراهقة عادة ما يقل التواصل أو الحوارات فيها، وستصبح ثقة الطفل في أبويه أقل من ذي قبل، وهذا للإنصاف عملية طبيعية، ولا يجب أن تُجابه برد فعل مبالغ فيه.
- استمع إلى ما يقوله ابنك، وحاول أن تفهم إحساس المراهقة ووجهة نظرها، واستمع قبل أن تفكر في الحجج أو الأخذ بالثأر.
- توقف عما تقوم بفعله، واستمع إلى ابنك عندما يتكلم وتأكد أنك تعطيه الانتباه المناسب، بمعنى لا تشغل تفكيرك وأنت تتعامل مع مشاكل ابنك.
- تأكد أن معظم تواصلنا إيجابي وليس سلبيًا، ولا تركز على الأخطاء، فلا تجعل حواراتك دائمًا عبارة عن تصحيح للأخطاء.. لا تتكلم في سلبيات باستمرار، وإنما يجب أن تقول ما يعجبك قبل أن تذكر ما لا يعجبك.
- جرب أن تلعب مع ابنك كرة أو تركب معه خيلاً أو تسافر مع أصحاب أولادك، أو أن تصاحب الأم وتتكلم مع صديقات ابنتها، لذا شارك ابنك في اهتماماته لأن هذا يُحدث التواصل بينكما.
- تجنب الكلام كثيرًا أو إعطاء تفاصيل كثيرة أو أنك تكرر ما قلته أو أن توجه الأسئلة باستمرار، بل عليك أن تدع ابنك يتكلم، فالمراهقون في بعض الأوقات يحتاجون أن يعبروا عن ذاتهم بشكل أو بآخر.
- حاول أن تتفهم إحساس المراهق ولستَ مضطرًا أن تتفق معه أو تعارضه، ولكن اجعله يدرك أنك تشعر به، ولا تحاول أن تسيء فهم مشاعره.. ويجب أن تشارك ابنك إحساسه بمرارة فقده لصديق أو رسوبه في مادة أو انتقاد مدرس له أو أن والدته غير راضية عنه أو غير ذلك.
- لا ترد برد فعل مبالغ فيه على ما يقال، وتذكر أن المراهقين أحيانًا يقولون أشياء مستفزة، فلا تكن ردة فعل، بل استوعب وفكر قبل أن تتكلم..وتذكر ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة أنه يعلم متى تكون عنه راضية ومتى تكون عنه غاضبة، فقالت السيدة عائشة: أخبرني يا رسول الله وهي في منتهى السعادة وتبتسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنت عني راضية قلت: لا ورب محمد، وإذا كنت غاضبة قلت لا ورب إبراهيم". لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يستوعب نفسية من أمامه تمامًا.
- حاول أن تخلق مواقف يمكن من خلالها أن يحدث تواصل، مثل التحدث في مشكلة في البيت أو في الأسرة أو الذهاب للمسجد أو غير ذلك.
- حاول أن تتجنب صراعات مراكز القوة، والمباريات الجدلية، أو تحاول أن تثبت أنك أب وأنك المسيطر وأنك أنت الموجه.
أثبتت الدراسات:
إن الدراسات العلمية أبرزت أن هناك ثلاث مشاكل هي الأبرز على الإطلاق حيث يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة، بناء على نتائج قياس الأشياء في التوجيه النفسي.
* المشكلة الأولى: صعوبة مناقشة المشكلات مع أولياء الأمور، إن الأولاد يقولون إن من العسير أن نناقش مشكلة مع أولياء الأمور.
* المشكلة الثانية: صعوبة إخبار أولياء الأمور بما نفعل.
* المشكلة الثالثة: وجود تباعد كبير بين أفكار الأبناء وأفكار أولياء الأمور.
فإذا استطاع الوالدان اجتياز تلك المشاكل الثلاث، فإن هذين الوالدين قد استطاعا أن يكسرا الحاجز بينهما وبين أبنائهما.
أمر عجيب
لقد لفت انتباهي أمر عجيب وهو أن سن المراهقة سن التكليف الذي يحاسب الله فيه العباد، فأصبح المراهق مكلفًا من قِبل رب العالمين بتكاليف بعد أن كان طفلاً في وقت من الأوقات..
ولقد توصلت إلى أن الله أراد أن يوصّل رسالة للمراهق بهذا التكليف وهي أن تصبح هذه المرحلة انفتاحًا على أغلى تجربة في حياة الإنسان وهو الانفتاح على رب العالمين وقوانينه وقواعده، وعلى الإسلام وعلى الدين وعلى التكاليف الدينية..
لقد أراد الإسلام أن يغذي الجانب الإيجابي في مرحلة المراهقة، فحينما يدرك المراهق أنه الآن مكلف، والتكليف جزء منه تشريف، لقد أصبح مسئولاً إذن أصبح كبيرًا وله وضعيته مثل الكبار فلم يعد المراهق صغيرًا وإنما مكلف مثل أي إنسان كبير.
لقد احترم الإسلام المراهق واهتم بشخصيته بشكل غير عادي حيث جعله يشترك في كل أنواع العبادات بما فيها الجهاد في سبيل الله، إن طليعة المسلمين في وقت من الأوقات التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا هم الشباب وليس الشيوخ، نُصر هذا الدين بسيدنا سعد بن أبي وقاص وكان عمره 17 سنة، وسيدنا علي بن أبي طالب الذي لم يكن يبلغ الحلم بعد، وسيدنا زيد بن حارثة وكان في سن المراهقة، إن معظم من دخل الإسلام في كثير من الأحيان كان في سن المراهقة أو ما بعد ذلك بقليل.
لقد استفاد الإسلام من تلك الطاقة وأعطاها قدرًا من الثقة بشكل أو بآخر.
القواعد الذهبية التسع للتعامل مع المراهقين
- مناقشة الموضوعات والاختلافات بطريقة إيجابية بدون أن تفقد أعصابك، اعلم أيها الأب وأيتها الأم أنه من الأفضل أن تتفاوض مع ابنك وأن تصل إلى حل وسط يتقبله كل منكما مثلما تتعامل مع الراشدين.. ليس من الطبيعي أن نرفض الديكتاتورية في نطاق العموم في التعاملات الاجتماعية وننفذها في بيوتنا، كما أنه يجب أن يفهم الوالدان قول الله تبارك وتعالى: "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا" أربي جيدًا حتى أحصد ابنًا يرحمني ويترحم علي ويتعامل معي بالحسنى والرفق وبالبر، وهذا لن يحدث إلا بحسن التربية.
- أشعر ابنك أنك تحس بما يشعر به وأنك موجود لتساعده إن احتاج إلى المساعدة، وأنك على استعداد لتقديم تلك المساعدة إذا احتاج إليها.
- لا تتوقع أن تتفق مع ابنك في كل وقت وحاول أن تفهم دوافعه واتركه يختار متى كان ذلك متاحًا، ليتعلم فن الاختيار والاستقلالية، وليتعلم أن يقع ثم يقف من جديد، واعلم أن ابنك عندما يختلف معك فهو أفضل من أن يتفق معك دائمًا؛ لأنه سيحسن الاختلاف معك بعد ذلك ومع زوجته وأولاده في المستقبل....وتذكر أن الخلاف لا يُفسد للود قضية، وأنني أختلف معك بمعنى أنني أحبك أكثر، وهذا أمر واقعي حيث اختلف الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أنهم دفعوه إلى أن يخرج من المدينة للقتال في غزوة أحد.
- حاول اختيار الوقت المناسب للكلام، وكن واضحًا فيما تطلب حدوثه في وضع محدد، وكن متفهمًا في أمور أخرى ولتكن مستمعًا جيدًا.
- إياك والسخرية أو جعل ابنك مادة للضحك عندما يتكلم في قضية من القضايا في وسط مجموعة من الناس، وأذكر للأسف أن أسرة كانت تضحك على ابن لأنه يتكلم بلغة عربية جميلة بدلاً من أن تشجعه على ذلك.
- لا تقلل من حجم أحاسيسه واحترمها، كن حساسًا معه؛ لأن كلمة "أنا" أوقع في الحوار من كلمة "أنت" مثلاً قل: "أنا أحس بما تقول" بدلاً من أن تقول: "أنت جعلتني أحس".
- علّم ابنك باستمرار أن له مكانة وله قيمة داخل الأسرة؛ لأنه أصبح فردًا عاقلاً بالغًا مكلفًا، وعامله من هذا المنطلق.
- أبناؤك سيُظهرون لك احترامًا لو أنك أظهرت لهم الاحترام، ولا تتوتر لأنهم أصبحوا بالغين.
- علّم أولادك مهارات الحياة، مثل القدرة على التواصل مع الناس.
من مهارات التعامل مع المراهقين
- نعلمهم الإصغاء الجيد، وهذا يتم من خلال الآتي:
- - أن تنصت بعينيك وقلبك وجسمك.
- - ضع نفسك في موضع الطرف الآخر.
- - مارس الانعكاس، وكأنك مرآة تعكس فقط ما تراه لذا عليك أن تنصت بدون آراء وبدون جدل، وبدون إصدار أحكام.
- استخدام المدح والتشجيع وقواعد التدعيم.
- علم ابنك أن يتجاهل من يحتد عليه.
- لا تتعجل اللوم والتأنيب على السلوك وإنما نتكلم ونتناقش ونحل المشكلة.
- اجعل هدفك تغيير سلوك وليس تغيير شخصية.
- تجنب العقاب والقسوة التي يلجأ إليها آباء كثيرون.
- علّم ابنك الصداقة بالخروج معه لمجرد التنزه.
العقاب وضوابطه
إن العقاب وضوابطه شيء لابد منه، ولقد وضع الله تعالى عقابًا للمخطئ ووضع ثوابًا للمحسن، حيث قال الله تبارك وتعالى: "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
ولقد أحببت أن أطرح فكرة جديدة في مسألة العقاب وهي أن نرسم للابن خريطة معينة من الواجبات والحقوق، ونترك الابن ليعاقب نفسه، ولا شك أن هذه الفكرة يعترض عليها الأولاد اعتراضًا شديدًا؛ لأنه أفضل أسلوب تربوي في إصلاح السلوك حيث يقتضي من الابن أن يحفز نفسه ويغير نفسه، والأب والأم متفرجان، لكن هذا الأسلوب يتطلب أمًا واعية وأبًا واعيًا، يتطلب والدين يتمتعان بالصبر والحنكة والحزم والتفهم واستيعاب القضايا بشكل أو بآخر. إن الكثير من الآباء يعاقبون بعد حدوث المشكلة والعقاب في هذا التوقيت يُشعر الولد بالظل، ويُظهر كمًا من العند في التعاملات بشكل كبير.
إن مفهوم العقاب ليس الهدف منه العقاب وإنما الهدف منه هو تعديل سلوك معين، لذلك فإن أسلوبنا الجديد في العقاب هو عبارة عن عملية توازن بين تعديل الابن من سلوكه وفي مقابل هذا يحصل على شيء يريده.
مثال:
ابحث عما تريد تعديله في ابنك، مثلاً المذاكرة، ثم ابحث عن أحب الأشياء إلى نفس ابنك وليكن الخروج مع أصحابه وابدأ بفعل الموازنة.. لو ذاكرت ستخرج مع أصحابك، عادةً الأولاد يقولون في البداية لا أريد الخروج وبالتالي يصبح الابن هو من طبّق العقاب على نفسه، ولكن بعد ممارسة هذا الأسلوب لفترة يستجيب الأولاد ويبدؤون في فعل ما يطلبه الوالدان.
لابد أن يتعلم الابن أن الدنيا أخذ وعطاء، إن أحسنت دخلت الجنة، لابد أن يعلم الأبناء أن كل شيء له مقابل، وللأسف بدأ الأولاد يتربون تربية غير سوية، إن كل شيء مستباح لذلك فقدت الأشياء قيمتها عند الأولاد.
إن العقاب كما ذكرنا ليس الهدف منه أبدًا أن أحدِث ألمًا في نفس ابني، وإنما الهدف منه تعديل سلوك معين، وبالتالي لابد أن يكون للعقاب ضوابط واضحة المعالم لكي تصبح مسألة العقاب بلا إفراط ولا تفريط.
ولابد أن يعلم كل من يمارس العقاب البدني على ابنه أنه سيؤدي للآتي:
- إنك الآن تعاقب ولدًا حجمه البدني صغير، وسيأتي اليوم الذي يكبر فيه هذا الولد ويصبح حجمه البدني يسمح له بصد هذا الضرب وربما بدفع هذا الضرب بمد يده هو الآخر.
- ربما زاد العقاب البدني من حدة الغضب والعناد والتمرد أكثر، وهنا أصبح عقابك يزيد المشكلة أكثر.
- إن العقاب البدني سيؤدي إلى زيادة الابتعاد العاطفي بين الأب والابن؛ لذا احرص أن علاقتك بابنك لا يكون لها علاقة بالعقوبة، لأن الابتعاد العاطفي ربما حدث نتيجة للعقاب.
- إن كثرة العقاب تُظهر سلوكيات الهروب بمعنى أنه ربما فعل الأولاد المشاكل والمصائب، والوالدان لا يعلمان شيئًا وفي النهاية يحدث الانفجار.
- إن ابنك سيتصرف مثلك في بعض الأحيان، فإذا كنت تُستفز بألفاظ معينة أو أسلوب معين فإن ابنك سيفعل مثلك.
خاتمة:
أعتقد أن ما ذكرناه ما هو إلا بداية لتأصيل مبادئ من مبادئ التربية، وما هو إلا نواة لنظام تربوي عام لابد من تطعيمه كل فترة بموضوع من الموضوعات التي ربما استطاعت أن تروي عطش الآباء والأمهات في قضية التربية.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يكون هذا الجهد في ميزان حسناتنا جميعًا يوم القيامة، كما أسأل الله أن يكون الخير لمن يرسل هذه المادة إليكم إلى يوم الدين، يلقاه في ميزان حسناته إن شاء الله، ولا يسعني إلا أن أدعو رب العالمين أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر:
http://www.startimes.com/?t=27742889
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق