مدارس العمارة الحديثة
اولاً : التعبيرية
· قبل أن نتحدث عن المدرسة التعبيرية يجدر بنا أن نتطرق إلى ثلاثة من أهم الفنانين الذين كانوا مرحلة في حد ذاتهم ، فلو تأملنا أعمالهم فاننا نرى فيها صفات" التأثيرية" ، ولكننا إذا أمعنا النظر فإننا نرى أعمال هؤلاء تختلف عن أصحاب المذهب "التأثيري" او "الإنطباعي" ، ويجدر بنا أن نذكر أسماء هؤلاء الثلاثة وهو "بول سيزان " و"فان جوخ"و"بول جوجان " فالذي يريد أن يتعرف على شخصية الفن المعاصر في بداية القرن العشرين عليه أن يتعرف على الشخصيات الثلاث السالفة الذكر ..!!
· لقد أبتعد فصاروا مرحلة سميت ما بعد التأثيرية ، وقد مهدت هذه المرحلة لظهور المدرسة التعبيرية والوحشية على حد سواء. على أيه حال كان "سيزان" أبا للفن الحديث في القرن العشرين ، لقد كان تمهيدا للعديد من الحركات الفنية ، ولكن أوضحها هو "التكعيبية" التي تظهر في إسلوبه ، وقد مهد "فان جوخ" للمدرسة "التعبيرية" ، كما مهد "بول جوجان"الطريق للمدرسة "الوحشية" بأعتماده على الحس الفطري في رسم الأشكال ..!!
· والآن وقد عرفنا شيئا عن بعض الفنانين الذين أثروا في القرن العشرين علينا أن نعود إلى المدرسة "التعبيرية" ، بعد أن عرفنا ان الفنان "فان جوخ " هو الذي مهد الطريق لظهور مثل هذه المدرسة ، فالتعبيرية مدرسة اتجاه فني يرتكز على تبسيط الخطوط والألوان فلقد خرجت هذه المدرسة عن الأوضاع "الكلاسيكية" التي تقوم على تسجيل معالم الجسم بل الطبيعة ، تسجيلا" دقيقا" ، سواء في الخط ، كما ذكرنا ، أو في تلوين الأشكال فقد ركزت على دراسة الاجسام ورسمها والمبالغة في إنحرافات بعض الخطوط أو بعض أجزاء الجسم وحركته ، وهي بهذا تقترب في بعض الأحيان من الكاريكاتير ..!!
· ثم أعتمدت هذه المدرسة على إظهار تعابير الوجوه والأحاسيس النفسية ، من خلال الخطوط التي يرسمها الرسام ، التي تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه الفنان ، وقد ساعد على ذلك أستخدام بعض الالوان التي تبرز إنفعالات الأشخاص ، بل تثير مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري ، إن "التعبيرية" وجه آخر للرومانسية ، إن المذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير المشاعر والمذهب التعبيري قد صار يعمل على التنظيم والبناء من جديد للصورة الرومانسية ، ولكن في إسلوب تراجيدي يتسم بما تعانيه الأجيال في العصر الحديث من قلق وأزمات .ويعد الفنان "فان جوخ" أشهر فناني هذه المدرسة والرائد الأول لها ، والفنان "مونخ" والفنان "لوتريك"..!!
Great things are not done by impulse, but by a series of small things brought together. (Vincent Van Gogh)
ثانياً : البنائية
· حركة ثورية في الفن في موسكو (روسيا) خلال العقد الثاني ومطلع العقد الثالث من القرن العشرين وقد ظهرت على أساس الأعمال الرائدة للفنان فلاديمير تاتالين في " أعماله البنائية البارزة " الهدف الرئيسي من الحركة أن يتكامل الفنانون مع المجتمع.
· وأتخذ الحركة مصدرا لعمل فنانيها تقنيات الكولاج والتكعيبية والمستقبلية وأهم الذين أسهموا بذلك هم من فناني النحت أمثال : نعوم غابو أنطون بفسنر والمعمار والتصميم الصناعي (تاتالين والكسندر رودشنكو) والسينما والطبوغرافيا (إيل ليذتسكي).
ثالثاً: الوظيفية
العمارة ليست فناً ( وهذا الكلام لا يعجب الكثير من المعماريين)
أدولف لوس (1870-1933) Odolf Loas
· ولد في النمسا عام 1870م وكان أصما حتى الثانية عشر من عمره لم يكن لويس مصمما بل كان كاتباً ومحاضراً. كان شديد النقد على الزخرفة لدرجة أنه فصل بين الشي العملي و الشيء الفني وقال"العمارة ليست فناً, أن أي شي يؤدي إلى منفعة يخرج من دائرة الفن " كتب مقال مشهور بعنوان " الزخرفة والجريمة" زعم فيه أن العمارة والفن يجب أن لا يحتويا على زخرفة وأعتبرها من بواقي العادات البربرية وكانت أعماله بعد 1908 م تعبيراً عن هذه الفلسفة ومن أهم وأشهر هذه الأعمال بيت ستينر 1910 م على ضواحي فيينا, كان تصميم هذا البيت مفاجأة للمعماريين في زمنه, فرغم أن الاتجاه العام كان يدعو إلى تخفيف الزخرفة إلا أن هذا البيت فاق الجميع حيث لم تكن في الواجهة إلا الحوائط والنوافذ من دون أي شكل زائد عن الحاجة الوظيفية ولقد كان لتصميمه هذا وغيره أثر كبير على اتجاه العمارة وفكر بعض المعماريين مثل جروبيوس و لي كربوزير.ربما الإعاقة المؤقتة التي تعرض لها لويس في صغره مبكرا حسنت من قدراته المعمارية من ناحية وأثرت على شخصيته بأن أصبح انطوائي.
· كرهه للزخرفة وإعاقته المبكرة بلورت شخصيته المعمارية التي تحارب وبكل شده كلمة زخرفه.. دافع نفسي داخلي قوي و واضح أدى إلى تكون شخصية هذا المعماري كان وضيفي بحت كان يخرج العمارة من دائرة الفن لأنها تؤدي إلى منفعة وهذا الكلام لا يعجب الكثير من المعماريين فما بالك بالمتلقي كان يدعو إلى عمارة وظيفية بحته حتى خرج لنا بيت ستينر وهو يخلو من أي زخرفه فقط جدران مصمتة تتخللها نوافذ فقط ربما ذلك من العزلة والإنطوائيه في بداية حياته بحيث يتولد في داخله كره للمعطيات في ظل العجز عن التغيير ولكن عندما يمتلك الفرصة يحاول أن يغير تلك المعطيات بتصاميم أو بفكر ربما لم يكن لشخصيته الإنسانية تأثير اجتماعي واضح أو انعكاس تلقائي لكنه يدرج ضمن قائمة التأثيرات.
رابعاً: التكعيبية
· تقول العبارة المشهورة للفنان سيزان أن "الكرة، والأسطوانة، والمخروط" هي جوهر بِنْيَة الطبيعة، و التكعيبة كمدرسة في الفن التشكيلي قد نشأت عن نوع من الالتباس في فهم هذه العبارة ، فلم يكن الغرض فرض هذه الأشكال الهندسية على الطبيعة، لأنها موجودة فعلاً، غير أن التكعيبيين قد عمدوا في سبيل بناء اللوحة لتصبح متماسكة وقوية إلى هندسة صورة الطبيعة، وفي سبيل هذه الهندسة عادوا إلى الفيلسوف وعالم الرياضيات الأشهر فيثاغورس وتبنوا نظرياته في الهندسه والرياضيات.
· لكن لم يكن غرض التكعيبيين عندما أخذوا في تحليل صور الطبيعة، وتقسيمها إلى الأشكال الهندسية وإخضاع أشكالها للعمل الفني سوى البحث عن أسرار الجمال، على أنهم في هذا كانوا مدفوعين بذلك الإحساس العام السائد بين فناني العصر الحديث، وهو أن الحقيقة شيء خفي يختبئ وراء الصور الظاهرية.
خامساً: التفكيكية
·
يأخذ تيار التفكيكية (بالإنجليزية)(DE constructivism) المثير
للجدل منحى لحالة استئصاليه ثنائية التوجه، تخص الأولى؛ العلاقة بين أشكال الإسقاط
وبين الأشكال وسياقها العام من خلال كبح جامح الانسيابية والثانية؛ تشويش وقطع
دابر العلاقة بين الداخل والخارج. وبغض النظر عن تلك القطيعة الحادثة بين الخارج
وسياقه الداخلي فان التفكيكية تقوض المسوغات المتعارف عليها بما يخص الانسجام
والوحدة والاستقرار الظاهري.
مبنى بهانوفر,ألمانيا.
·
صعد نجم اتجاه الديكونستروكتيفيزم Deconstructivism خلال
نهايات القرن العشرين.
·
وحاكى تيار الطراز الإنشائي Constructivsm في
ثلاثينات القرن العشرين، و أبان غليان الشعور الثوري في العالم الذي يدعو في بعض
جوانبه إلى التملص من الماضي الرأسمالي وتجسد بأشكال إنشائية جديدة لا تمت بصلة
إلى الماضي. يحمل في طياته دلالات سيكولوجية تدعو إلى رفض التراث المعماري لشعوب
ليس لها بالأساس ذلك الثراء ومن هذه الأجواء نشأت فكرة التفكيكية الحديثة تألق
نجمها منذ نهايات عقد ثمانينات القرن العشرين .
و
يمكن اعتبار تلك الحركة حالة من الشرذمة يصفها البعض بالخداع، والصاعدين يعتبرها
حالة إبداعية إلى آفاق جديدة من الأشكال المستحدثة, تعرض ما هو غريب بأسلوب
التشويه والتجزئة التي أتبعت منهجية التصادم الفظي بدل اللباقة في الإقناع. وثمة
تشعبات منه باستعارة الأشكال التراثية التقليدية.
·
وما يميز هذا التيار هو تحطيم
الفروق بين الرسم والنحت وإعادة خلطها في بوتقة معمارية، ويمكن تلمس الاتجاه
الوظيفي فيها ولكنه ينحصر في القيمة التعبيرية للإنشاء , فقد نبذت حالات الزخرف ،
وانحصرت القيمة الجمالية للمبنى بما تبديه العلاقات الشكلية للحجوم والكتل
والفراغات كما تبرزها المعطيات الإنشائية. استعمال خامات جديدة كالمعدن والزجاج
واللدائن لكي تتبع فكرة تعبر عن الحياة بالهيئة التي يشكلها العلم. وقد أخذ في بعض
شطحاته مع التكعيبية.
·
والتراكب القطري ولاسيما بالنسبة
للأشكال المستطيلة و الأشكال شبه المنحرفة، و السطوح أو المقاطع المتعرجة كما
لمسناه في أعمال المعمار ليس يزكي, وكذلك, ماليفيتش, أو تالين, واتسع نطاق الممارسة
من المعماريين هيملبلاو و ايسنمان وكيري، و كولهاس و ليبسكيند وشاعت أسماء قسم من
المعماريين منهم كاندنسكي ونعوم كابو وكازيمير ماليفيتش. ومن أهم المباني مشروع
صحيفة البرافدا ومشروع مجمعات إدارية في موسكو
سادساً : العمارة العضوية
· تعتبر العمارة العضوية فلسفة معمارية تبحث عن التوافق و الانسجام بين الطبيعة و العمارة. تم استخدام المصطلح و تم تعريفه من خلال المعماري فرانك لويد رايت (1867-1959) و وضع في كتابه (An Organic Architecture, 1939 عمارة عضوية) مبادئ عامة عن تصوره لكيفية تطبيق الفكر المعماري الذي وصل إليه من امتزاج و ذوبان في الطبيعة.
Falling Water للمعماري فرانك لويد رايت
· بشكل عام تهدف العمارة العضوية إلى عدم تدمير البيئة التي تدخلها أو في تفسير أخر, تكملتها! أي أنها تصبح في النهاية كجزء موجود بالفعل في الطبيعة. عالج العديد من المعماريين هذه الفكرة بكذا مدخل, مثل استخدام المواد الموجودة في المكان في البناء بل و أبعد من هذا في استخدام المواد البيئية الموجودة في الأثاث و الديكورات بحيث يبدو المبنى جزء لا يتجزأ من البيئة المحيطة به.
· اخترع المصطلح عمارة عضوية المعماري فرانك لويد رايت (1867-1959) فيما يلي جزء من كتابه: "ها أنا أكتب لكم مقدما العمارة العضوية: معلنا العمارة العضوية كالفكرة المثالية و التعاليم التي يجب ان تتبع إذا أردنا فهم الحياة ككل و لخدمة مغزى الحياة, لا أحمل محددات تقليدية في سبيل التقليد الأعظم. و لا أبحث عن شكل جامد مفروض علينا من ماضينا أو حاضرنا أو مستقبلنا, و لكني هنا أحدد الشكل عن طريق قوانين الحس العام البسيطة, أو فلتسميها الحس الأعلى إذا أردت, عن طريق طبيعة الخامات..."
سابعاً : المستقبلية
·
بدأت المدرسة
"المستقبلية" في إيطاليا، ثم انتقلت إلى فرنسا، وكانت تهدف إلى مقاومة
الماضي لذلك سميت "بالمستقبلية"، وأهتم فنان "المستقبلية"
بالتغّير المتمّيز وبالفاعلية المستمرة في القرن العشرين، الذي عٌرف بالسرعة
والتقدم التقني. وحاول الفنان التعبّير عنه بالحركة والضوء، فكل الأشياء تتحرك
وتجري وتتغير بسرعة..!!
·
وتعتبر المدرسة
"المستقبلية" الفنية ذات أهمية بالغة، إذ أنها تمكنت من إيجاد شكل
متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتركيز على إنسان العصر الحديث..!!
·
وقد عبر الفنان
"المستقبلي" عن الصور المتغيرة، بتجزئة الأشكال إلى آلاف النقاط والخطوط
والألوان، وكان تهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات والخطوة وصراع القوى..!!
·
قال أحد الفنانين المستقبليين
"إن الحصان الذي يركض لا يملك أربعة حوافر وحسب،بل إن له عشرين
حافرا"وحركاتها مثلثية". وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف
متعددة وبترتيب إشعاعي، بحيث تبدو اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة..!!
· وفي
لوحة "مرنة" للفنان المستقبلي "بوكشيوني" التي رسمها عام
1912م، يوحي الشكل في عمومه بإنسان متدثر بثياب فضفاضة ذات ألوان زاهية، يحركها
الهواء، فتنساب تفاصيلها في إيقاعات حركية مستمرة..!!
ثامناً : العمارة الذكية
- تعتبر
أحد أبرز مظاهر الألفية الجديدة ونسمع عن دراسات لتطوير هذه النوعية من المبانى
التى تعتمد على فكرة استخدام الاساليب والتكنولوجيا الحديثة فى تطوير تقنيات
المبانى ووظيفتها بطريقة تلائم العصر لخدمة المستخدم وعملت على رفع كفاءة وظيفة
المبانى فى العديد من المجالات منها (التدفئة ،الأمن، الإضاءة، المحافظة على
البيئة) ، وتعدد انظمة إدارتها وتشغيلها بهدف الاقتصاد فى الطاقة المستعملة فى
تشغيلها ، بحيث تتفاعل الالات والتقنيات مع المستخدمين
- أيضاً
تطورت أنظمة وتقنيات البناء تطوراً كبيراً بعد استخدام مواد البناء الحديثة
كالأسمنت والألمنيوم والبلاستيك وغيرها وأصبحت المدن مزدحمة بالمباني المختلفة
الوظائف والهيئات والارتفاعات كما ساهم تطور الأنظمة الهندسية والخدمات مثل أنظمة
الكهرباء والهاتف وشبكات المياه في تغير شكل المباني والمدن على حدٍ سواء . وشهدت
الحقبة الأخيرة من القرن العشرين ثورة في تقنيات الحاسوب وأنظمة المعلومات
والاتصالات أثرت في الأنشطة الحياتية للإنسان وارتبط العديد من نشاط الإنسان
اليومي بهذه التقنيات الإلكترونية بصورة أو بأخرى ظهرت تأثيرها على تصميم المسكن
وظهر جيل من المساكن يستخدم هذه التقنيات لتنظيم العلاقة بين الأنظمة المختلفة
المستخدمة في المسكن يتحكم فيها عقل مركزي (جهاز الحاسوب).
المصدر: محاضرات الدكتور أيمن ملوك فى نظريات وتاريخ العمارة